الدعم النفسي لأسرة الطفل المتوحد.. متى؟

متى وأين يتم طلب الدعم النفسي لأسرة الطفل المتوحد؟ تعرف على علامات الحاجة، أنواع الدعم الفعّالة، وكيف تبدأ الخطوات نحو الراحة النفسية.


1
1 point
متى تطلب أسرة طفل التوحد المساعدة النفسية وكيف؟
متى تطلب أسرة طفل التوحد المساعدة النفسية وكيف؟

الحياة اليومية مع طفل توحدي مليئة بالحب والتحديات في آن واحد: التمارين العلاجية، جلسات المدرسة، السلوكيات المفاجئة، القلق المستمر، التعب العاطفي. الأبحاث تُظهر أن نسبة كبيرة من الأمهات والآباء يعانون من أعراض اكتئاب وعداها ضعف النوم والتوتر المزمن. (مثلاً: دراسة UCSF وجدت أن حوالي 50٪ من الأمهات لأطفال طيف التوحد يعانين من أعراض اكتئاب مرتفعة خلال فترة متابعة 18 شهرًا) . لهذا فمن المهم أن نعرف متى يكون الدعم النفسي لأسرة الطفل المتوحد ، وكيف يمكن أن تتجاوز العوائق حتى تحصل على المساعدة اللازمة دون تأجيل.

متى يظهر أن الأسرة تحتاج للدعم النفسي؟

1. شعور طويل بالإرهاق والتعب المزمن

عندما يصبح التعب الجسدي أو النفسي ملازم يوميًا — قلة النوم، الشعور أن المهام تفوق القدرة — فهذا مؤشر قوي. الأبحاث تقول إن أولياء أمور أطفال التوحد يُبلّغون عن مستويات متزايدة من التوتر المزمن مقارنة بالعائلات التي لا تعاني من حالات طيف التوحد.

2. ظهور أعراض القلق أو الاكتئاب لفترة طويلة

إذا استمر الحزن، القلق، أو الأفكار المقلقة لأكثر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، أو تغير في الشهية، النوم، أو فقدان الاهتمام بالنشاطات التي كانت تُحبّها، فهذه إشارات مهمة. دراسة UCSF التي ذكرت أعلاه تؤكد هذا الأمر بين الأمهات.

3. الشعور بالذنب أو العجز المستمر

قد تشعر الأسرة بأنها لا تفعل ما يكفي، أو أن الطفل لا يتقدّم بالشكل المأمول، ما يؤدي إلى شعور مزمن بالذنب. هذا النوع من الشعور لا يُحلّ غالبًا بالوقت وحده، بل يحتاج دعمًا خارجيًا.

4. صعوبة في التعامل مع نوبات أو سلوكيات التوتر المرتفعة عند الطفل

إذا كانت نوبات الغضب أو القلق أو السلوكيات التحدّية مؤثرة جدًا — تؤثر على الراحة النفسية للأهل، النوم، العلاقات الاجتماعية — فهذه علامة واضحة أن المساعدة ضرورية.

5. التأثير على العلاقات والأداء الوظيفي

إذا بدأت المشاكل النفسية تؤثر على علاقاتك الزوجية، الصداقة، العمل أو المجموعة الاجتماعية — مثلاً تجنب الخروج، الحديث مع الأصدقاء، الشعور بالعزلة — فذلك مؤشر أن الموقف يتطلب تدخلًا.


كيف تطلب المساعدة النفسية: خطوات عملية

1. بدءًا من طبيب الأسرة أو الطبيب العام

  • لماذا؟
    • لأنه قد يجري تقييمًا أوليًا للأعراض النفسية (القلق، الاكتئاب)، ويستبعد حالات طبية قد تسهم فيها الأعراض (مثل اضطرابات النوم).
    • يستطيع تحويليك إلى مختص نفسي أو عيادة صحة عقلية.
  • ما تفعل:
    • حضّر قائمة بالأعراض التي تواجهها.
    • كن واضحًا: “أشعر أنني لا استطيع النوم / أشعر بالذنب / القلق يتداخل مع عملي.”

2. العلاج الفردي للنفسية

مثل العلاج المعرفي-السلوكي (CBT) الذي أُثبت فعاليته لتقليل التوتر، القلق والاكتئاب لدى الأهالي. دراسة عشوائية وجدت أن تدخل CBT للأهل يحسّن الصحة النفسية لديهم بشكل ملحوظ.

3. العلاج العائلي

يساعد النقاش المشترك في جلسات علاجية، على التواصل والفهم المتبادل.

4. الدعم عبر مجموعات الأهل

التحدث مع أولياء أمور آخرين يمرّون بتجربة مشابهة يقلل الشعور بالوحدة ويقدّم نصائح عملية. الأبحاث تُظهر فعالية هذه المجموعات في تقليل القلق وتحسين الشعور بالدعم.

5. الخيارات الرقمية والعلاج عن بعد

الجلسات النفسية عبر الإنترنت قد تكون حلًا مرنًا، خاصة إذا كانت التنقل أو الجلوس في عيادة صعبًا. وتبيّن بعض الدراسات أن العلاجات الرقمية (teletherapy) تعمل جيدًا في تخفيف أعراض القلق والاكتئاب لدى أولياء أمور أطفال ASD..

6. استشارة متخصص في التوحد

مختص لديه خبرة بتعامل الأسرة مع طفل التوحد يعرف التحديات الخاصة (التنبيه الحسي، النوبات، التأخير اللغوي…). يمكنه تقديم خطة دعم مناسبة.


كيف تختار المختص المناسب؟

  • تأكد من خبرته مع ذوي اضطراب طيف التوحد.
  • تعرف على نوع العلاج الذي يستخدمه (CBT، الدعم الأسري، الاستشارات عبر الإنترنت).
  • اسأل عن آلية المتابعة والتقييم: هل هناك جلسات تقييم مستمر؟
  • تأكد من أن التكلفة والموقع مناسبان، أو إمكانية العلاج عن بعد إذا كان ذلك أفضل.

ما الذي تتوقعه من جلسات المساعدة النفسية؟

  • أول جلسة غالبًا استكشافية: الطبيب أو المعالج سيناقش تاريخك العاطفي، التحديات اليومية، ما يعمل وما لا يعمل.
  • تحديد أهداف صغيرة قابلة للقياس: تحسين النوم، تقليل التوتر، تعلم تقنية للتنفيس عن الغضب، إلخ.
  • وجود جدول متابعة وتقييم: كيف تأثرت حالتك بعد جلسات (نفسية، سلوكية، جسدية).

الأسئلة الشائعة (FAQ)

س: هل طلب الدعم النفسي لأسرة الطفل المتوحد يعني أنني “فاشلة”؟
ج: لا، بل على العكس؛ القدرة على الاعتراف بالحاجة للمساعدة تعكس القوة والمسؤولية نحو نفسك وأسرتك.

س: هل العلاج النفسي مفيد فعلاً للأهل الذين لديهم أطفال توحديون؟
ج: نعم؛ دراسات متعددة مثل تجربة CBT عشوائية أثبتت أن العلاج يقلل القلق والاكتئاب لدى الأهل بشكل ملحوظ.

س: من أين أبدأ إذا لا أعرف مختصاً؟
ج: طبيب الأسرة أو مركز التوحد المحلي غالبًا يملك قائمة مختصين محليين أو عبر الإنترنت. جمعيات التوحد غالبًا توفر موارد دعم.

س: كم تستغرق المساعدة النفسية حتى ألاحظ فرقًا؟
ج: قد ترى تحسناً مبدئيًا بعد بضعة جلسات (3-6 جلسات)، لكن الراحة النفسية الحقيقية غالبًا تحتاج متابعة على مدى أسابيع أو أشهر.

خاتمة

طلب الدعم النفسي لأسرة الطفل المتوحد ليس خيارًا ثانويًا؛ بل خطوة ضرورية للحفاظ على الصحة النفسية للأسرة عند رعاية طفل في طيف التوحد. من الإرهاق، القلق، وصعوبة التعامل مع النوبات، إلى الشعور بالذنب، هذه كلها علامات تدعو لاتخاذ القرار.

ابدأ اليوم بخطوة بسيطة: التحدث مع طبيبك، تجربة جلسة علاجية، أو الانضمام إلى مجموعة دعم. كل خطوة صغيرة تُحدث فرقًا. لا تنتظر أن تزداد الأمور؛ صحتك النفسية مهمة بقدر ما هي مهمة لراحة طفلك وحياتك الأسرية.


هل أعجبك؟ شاركه مع أصدقائك!

1
1 point
زهرة حليمي

لا يوجد تعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *