عندما يُشخَّص طفل بالتوحد، قد يجد الأهل أنفسهم أمام مصطلحات جديدة مثل “التوحد الخفيف” و”التوحد الحاد”، مما يثير لديهم التساؤل: ما الفرق بين الحالتين؟ وهل يؤثر ذلك على مستقبل الطفل وتطوره؟
في هذا المقال، نستعرض الفروق الجوهرية بين هذين النمطين من التوحد، ونوضح كيف يمكن للأسرة والمربين فهم احتياجات الطفل بشكل أفضل.
🔍 أولًا: ما هو طيف التوحد؟
طيف التوحد (ASD) هو اضطراب عصبي نمائي يؤثر على طريقة تفاعل الشخص مع الآخرين، وعلى التواصل والسلوك.
ويُطلق عليه “طيف” لأنه يشمل مجموعة واسعة من الأعراض والدرجات المختلفة من الشدة.
✨ التوحد الخفيف: علامات قد تمر دون ملاحظة
غالبًا ما يُطلق على التوحد الخفيف اسم “متلازمة أسبرجر” (وهي مصطلح لم يعد يُستخدم طبيًا حاليًا لكنه شائع مجتمعيًا).
الأطفال المصابون بالتوحد الخفيف قد يظهرون:
- 🔹 صعوبات طفيفة في التفاعل الاجتماعي، مثل قلة المبادرة في اللعب الجماعي.
- 🔹 اهتمامات محددة ومركزة (مثل شغف كبير بالحيوانات أو الفضاء).
- 🔹 صعوبة في فهم النكات أو المجاز.
- 🔹 تأخر بسيط في مهارات التواصل غير اللفظي (مثل تعابير الوجه أو لغة الجسد).
- 🔹 قدرة لغوية جيدة، لكن مع نغمة صوت مميزة أو نمط تكراري في الكلام.
📌 ملاحظة: في كثير من الحالات، يتمكن الطفل المصاب بالتوحد الخفيف من الاندماج في المدرسة والأنشطة المجتمعية، خاصة مع الدعم المناسب.
🔥 التوحد الحاد: صعوبات تتطلب تدخلًا مكثفًا
أما التوحد الحاد فيُصنّف على أنه من الدرجات الشديدة ويشمل أعراضًا أكثر وضوحًا وتأثيرًا على حياة الطفل، منها:
- 🔸 غياب أو تأخر كبير في الكلام، أو حتى انعدام اللغة المنطوقة.
- 🔸 عدم التواصل البصري أو الاجتماعي.
- 🔸 حركات نمطية متكررة مثل رفرفة اليدين أو الدوران حول الذات.
- 🔸 رفض التغيير والتمسك بالروتين بشكل مفرط.
- 🔸 سلوكيات إيذاء الذات أحيانًا أو نوبات غضب شديدة نتيجة الإحباط.
- 🔸 احتياج دائم لمساعدة في المهارات اليومية (كاللبس، الأكل، النظافة).
⚠️ يحتاج الطفل المصاب بالتوحد الحاد إلى دعم تخصصي مكثف ومستمر يشمل جلسات علاج سلوكي، ونطقي، ووظيفي.
🧩 التشابه بين الحالتين
رغم اختلاف الشدة، يشترك كل من التوحد الخفيف والحاد في بعض الأعراض الأساسية مثل:
- تحديات في التفاعل الاجتماعي
- نمط من الاهتمامات المتكررة
- صعوبة في التكيف مع التغييرات
📚 الفارق الأساسي يكمن في الدرجة، وليس في طبيعة الأعراض نفسها.
🛠️ لماذا من المهم التفريق بين الحالتين؟
فهم الفرق يساعد في:
- ✅ وضع خطة علاجية مناسبة لكل طفل حسب احتياجاته الخاصة.
- ✅ توقع نوعية الدعم المطلوب في المدرسة أو المنزل.
- ✅ تحديد أهداف واقعية للتطور والنمو.
- ✅ تعزيز التفاهم الأسري والمجتمعي حول قدرات الطفل وحدوده.
🧠 هل يمكن أن يتطور الطفل من حالة إلى أخرى؟
مع تدخل مبكر وعلاجات مناسبة، قد يتطور بعض الأطفال ممن يعانون من أعراض شديدة إلى حالة أكثر خفّة، خاصة في الجوانب الاجتماعية واللغوية.
لكن التوحد يظل حالة عصبية مستمرة، وليس “مرضًا” يشفى، وإنما يُدار بطريقة تدعم قدرات الطفل وتحترم تفرده.
📌 خلاصة
كل طفل على طيف التوحد هو عالم خاص، له قدراته وتحدياته.
التوحد الخفيف قد لا يُكتشف إلا في مراحل متقدمة، بينما التوحد الحاد يكون واضحًا منذ عمر صغير.
لكن الأهم من التصنيفات هو أن يحظى الطفل بالحب، والفهم، والدعم اللازم لينمو ويُزهر.
لا يوجد تعليقات