الأطفال المصابون بالتوحد يرون العالم بطريقة مختلفة، وغالبًا ما يشعرون بالارتباك من التغيّرات المفاجئة أو البيئة غير المتوقعة. من هنا، يبرز الروتين كعنصر أساسي في منحهم الشعور بالأمان والاستقرار. لكن ما هو الروتين؟ ولماذا يُعد مهمًا إلى هذا الحد؟ وكيف يمكن للأهل تطبيقه دون أن يتحول إلى عبء أو قيد خانق؟
في هذا المقال، نستعرض أهمية الروتين اليومي، وكيف يؤثر إيجابيًا على السلوك والتعلم والعلاقات، إلى جانب خطوات عملية لتطبيقه بنجاح.
🧠 ما المقصود بالروتين؟
الروتين هو تكرار منظم لسلسلة من الأنشطة أو الأحداث اليومية، مثل:
- الاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم.
- تناول الوجبات وفق جدول ثابت.
- تخصيص وقت للعب، والتعلم، والراحة.
بالنسبة للطفل التوحدي، يمثل هذا النمط المتكرر نظامًا يمكنه توقعه وفهمه، مما يخفف من شعوره بالقلق والتشتت.
🌟 لماذا يحتاج الطفل التوحدي إلى الروتين؟
🛡️ 1. يقلل من القلق والارتباك
الروتين يُشعر الطفل بالأمان، لأنه يعرف ما الذي سيحدث تاليًا، ويُجنّبه المفاجآت التي قد تثير نوبات غضب أو توتر.
🧘♀️ 2. يساعد على تنظيم السلوك
من خلال التكرار المنتظم، يتعلم الطفل أنماطًا منضبطة مثل وقت الأكل، النوم، أو استخدام الحمام، مما يقلل من السلوكيات العشوائية أو المزعجة.
🧠 3. يدعم التعلم والتطور
عندما تُربط الأنشطة التعليمية بروتين ثابت، يكون من الأسهل على الطفل استيعاب المهارات الجديدة وتذكرها.
👨👩👧👦 4. يسهل التفاعل الاجتماعي
إذا علم الطفل أن بعد وجبة الغذاء تأتي فترة اللعب مع الأصدقاء، سيساعده ذلك على الاستعداد نفسيًا للتواصل، حتى وإن كان يعاني من صعوبات اجتماعية.
🕰️ 5. يُعزز الشعور بالاستقلال
مع الوقت، يبدأ الطفل في تنفيذ الروتين بنفسه (مثل غسل اليدين أو ترتيب أدواته)، مما يعزز ثقته بنفسه واعتماده على ذاته.
🛠️ كيف تُنشئ روتينًا ناجحًا لطفلك التوحدي؟
📋 1. حدّد الأنشطة اليومية الأساسية
ابدأ بتثبيت الأنشطة المتكررة مثل:
- الاستيقاظ
- وجبات الطعام
- الاستحمام
- النوم
⏰ 2. استخدم الجداول المصورة
الأطفال التوحديون غالبًا ما يستجيبون بشكل أفضل للصور. يمكن استخدام جداول مصورة أو بطاقات توضيحية لعرض تسلسل اليوم.
🧩 3. حافظ على التكرار والثبات
التكرار هو المفتاح. حاول أن تحافظ على توقيت النشاط ومكانه قدر الإمكان.
💬 4. نبّه الطفل قبل أي تغيير
إذا كان لا بد من كسر الروتين (كالذهاب للطبيب)، استخدم العبارات التوضيحية مثل: “اليوم لن نذهب إلى الحديقة، سنزور الطبيب بدلًا منها”.
🎯 5. امنح وقتًا للراحة والمرونة
ليس الهدف خلق بيئة صارمة، بل توفير توازن بين النظام والاستجابة لاحتياجات الطفل الفردية.
🎨 مثال بسيط لروتين يومي:
| الوقت | النشاط | الوسيلة |
|---|---|---|
| 7:00 صباحًا | الاستيقاظ وغسل الوجه | صورة لسرير وحنفية |
| 7:30 صباحًا | الإفطار | صورة لطبق طعام |
| 8:00 صباحًا | نشاط حركي أو تعليمي | صورة لطفل يكتب |
| 9:00 صباحًا | وقت حر (لعب حر) | صورة مكعبات |
| … | … | … |
🧩 هل الروتين يناسب جميع الأطفال التوحديين؟
في الغالب نعم، لكن تختلف درجة الاستجابة من طفل لآخر. بعض الأطفال يفضلون الروتين الصارم، وآخرون يحتاجون إلى بعض التغيير. المفتاح هو معرفة شخصية الطفل وتقديم الروتين بشكل محبب.
💡 خلاصة
الروتين ليس مجرد تنظيم للوقت، بل هو أداة علاجية فعالة تساعد الأطفال التوحديين على الشعور بالأمان، تحسين سلوكهم، وتنمية مهاراتهم. بتكرار الأنشطة اليومية بشكل مدروس، يمكن للطفل أن يزدهر في بيئة داعمة ومستقرة.
ابدأ بخطوات بسيطة، وراقب كيف يمكن للروتين أن يصنع فارقًا كبيرًا في حياة طفلك.
لا يوجد تعليقات