تلقي خبر إصابة الطفل بالتوحد ليس مجرد “تشخيص طبي” للأم، بل لحظة تهزّ وجدانها بكل ما فيه.
قد تشعر الأم بالضياع، وكأن الأرض انسحبت من تحت قدميها. يظهر الحزن، ثم القلق، وربما الذنب، وأحيانًا الإنكار. وفي خضم هذه المشاعر المتراكمة، تنسى الكثير من الأمهات أمرًا بالغ الأهمية: أنفسهن.
الدعم النفسي للأم ليس ترفًا أو خيارًا إضافيًا — بل هو ضرورة. لأن الأم القوية نفسيًا قادرة على دعم طفلها بشكل أفضل، وعلى المضي في الطريق الطويل المليء بالتحديات بثبات أكبر.
أولًا: الاعتراف بالمشاعر ليس ضعفًا
قد تشعرين بالغضب، بالأسى، أو حتى بالخوف من المستقبل. كل هذه المشاعر ليست خاطئة.
ما تحتاجينه هو أن تعترفي بها وتسمحي لنفسك بالشعور دون جلد أو خجل.
- البكاء طبيعي، بل ضروري أحيانًا
- لا تقارني نفسك بأمهات أخريات
- لا تضغطي على نفسك لتبدين “قوية” طوال الوقت
- الحديث مع شخص موثوق أو مختص قد يكون بداية الشفاء
💡 نصيحة: اكتبي مشاعرك في دفتر خاص، سيساعدك ذلك على تفريغ الضيق وتنظيم الأفكار.
ثانيًا: ابتعدي عن لوم الذات
من أكثر الأفكار التي تهاجم الأم فور سماع التشخيص:
“هل فعلتُ شيئًا خاطئًا أثناء الحمل؟ هل قصّرت؟ هل السبب أنا؟”
والإجابة العلمية الواضحة: لا.
التوحد ليس نتيجة خطأ أمومي، بل حالة عصبية نمائية معقدة، أسبابها متعددة وغير معروفة بالكامل.
لا تسمحي للذنب أن يسلبك طاقتك. ركزي على ما يمكنك فعله الآن، وليس على ما كان.
ثالثًا: اطلبي المساعدة ولا تخجلي
واحدة من أكثر الأخطاء التي تقع فيها بعض الأمهات هي محاولة “تحمّل كل شيء بمفردهن”.
لكن الحقيقة أن طلب المساعدة علامة وعي وليس ضعف.
- استعيني بزوجك، عائلتك، أو صديقاتك
- لا تترددي في التحدث مع مختص نفسي، حتى ولو مرة أو مرتين
- هناك جمعيات ومنصات دعم تُعنى بالأمهات وتقدم مساندة حقيقية
🌼 أنتِ لا تحتاجين إلى بطل خارق… فقط إلى مساحة آمنة لتنفسي فيها وتعيدي ترتيبك الداخلي.
رابعًا: خصّصي وقتًا لنفسك
قد يبدو هذا مستحيلًا وسط مشاغل الحياة ورعاية الطفل، لكن حتى 10 دقائق يوميًا يمكن أن تصنع فرقًا:
- استمتعي بفنجان قهوة بهدوء
- شاهدي فيلمًا تحبينه
- امشي قليلًا في الهواء الطلق
- مارسي التأمل أو التنفس العميق
إن كنتِ لا تهتمين بنفسك، ستتآكلين تدريجيًا، وستفقدين قدرتك على العطاء. أنتِ الأساس.
خامسًا: ابحثي عن قصص الأمل
التشخيص ليس نهاية الطريق. هناك آلاف الأمهات اللاتي بدأن من نفس النقطة التي أنتِ فيها، واليوم يروين قصصًا ملهمة.
- تابعي قصصًا حقيقية لأمهات واجهن وتخطين
- شاهدي فيديوهات لمختصين يبسّطون لكِ الأمور
- لا تعتمدي على الأخبار السلبية أو الصور السوداوية المنتشرة في الإنترنت
كل طفل مختلف، وكل قصة فريدة. وطفلك يملك مسارًا خاصًا يستحق منكِ أن تؤمني به.
سادسًا: أعيدي تعريف النجاح
قد لا يكون “نجاح طفلك” مماثلًا لما كنتِ تتخيلينه قبل التشخيص.
لكنه نجاح حقيقي… فقط بمعايير مختلفة.
- أول مرة ينظر إليكِ في عينيكِ
- أول مرة يقول “ماما” أو يبتسم عند سماع صوتك
- لحظة تقبل جلسة علاج أو مشاركة في لعبة
كل هذه انتصارات صغيرة تستحق الاحتفال. وكلما رأيت التقدم، حتى لو ببطء، كلما زادت طاقتك النفسية للاستمرار.
خاتمة
أنتِ لستِ وحدك. وربما لا يُدرك الكثيرون حجم المعركة الصامتة التي تخوضينها، لكننا نعلم:
أنك أمّ عظيمة، تواجهين تحديًا استثنائيًا، وتملكين في داخلك حبًا غير مشروط لا يُقاس.
أعطي نفسك حقها، وامنحي نفسك الحنان الذي تقدمينه لغيرك.
ابدئي كل يوم برسالة بسيطة: أنا أستحق أن أكون بخير، لأكون خيرًا لطفلي.
لا يوجد تعليقات