تلقي تشخيص التوحد لطفل من أفراد الأسرة قد يكون من أصعب اللحظات العاطفية التي تمر بها العائلة. تتنوع المشاعر بين الحزن، القلق، الإنكار، وربما الإحساس بالذنب أو الارتباك. وهذا طبيعي تمامًا. فكل أب وأم يطمح لرؤية طفلهم ينمو بطريقة “متوقعة”، وعندما يأتي التشخيص، يشعر البعض وكأن الحلم تبدد.
لكن، الحقيقة ليست كذلك. فالتوحد ليس نهاية، بل بداية رحلة مختلفة—رحلة تحتاج وعيًا، حبًا، ودعمًا مستمرًا.
أولًا: اسمح لنفسك بالشعور
لا تحاول كبت مشاعرك أو تجاهلها. الحزن أو الخوف أو الغضب ليست مشاعر خاطئة، بل طبيعية تمامًا عند تلقي خبر غير متوقع عن صحة طفلك. أعطِ نفسك وعائلتك وقتًا للتأقلم.
- البكاء ليس ضعفًا، بل تعبير صحي عن الاضطراب الداخلي
- الحديث مع شريكك أو صديق مقرّب يساعد كثيرًا
- لا تحكم على نفسك، فكل أسرة تمر بهذه المرحلة بشكل مختلف
ثانيًا: افصل بين التوقعات والواقع
قد تكون الصورة النمطية عن التوحد التي عشناها في الإعلام أو المجتمع غير دقيقة. فطيف التوحد واسع جدًا، وكل طفل حالة فريدة.
- طفلك لا يزال هو نفس الطفل الجميل الذي تحبه
- التوحد لا يلغِ إمكاناته، بل يعرّف طريقة تواصله وتعلمه
- قد يحتاج إلى أساليب دعم مختلفة، لكنه لا يفقد قيمته أبدًا
ثالثًا: ابحث عن المعلومة الصحيحة
أحد أكثر الأمور إرباكًا في البداية هو وفرة المعلومات — وبعضها خاطئ تمامًا. لذلك، توجه لمصادر موثوقة:
- استشر مختصين في تحليل السلوك، أو أطباء أطفال متخصصين في النمو والتطور
- تابع مواقع معروفة علميًا، أو مراكز التوحد المعتمدة
- احذر من “العلاجات السحرية” أو التوصيات غير العلمية المنتشرة في الإنترنت
💡 نصيحة: خذ ملاحظاتك إلى كل جلسة مع الأخصائيين، وسجّل أسئلتك مسبقًا.
رابعًا: لا تمشِ الطريق وحدك
الانضمام إلى مجموعات دعم لأهالي أطفال التوحد يساعد جدًا. سترى أن ما تمر به ليس استثناءً، وستتبادل التجارب والأفكار مع آخرين سبقوك في هذه المرحلة.
- ابحث عن مجموعات محلية أو عبر الإنترنت
- شارك مشاعرك بدون خجل
- استمع لتجارب حقيقية تساعدك على الرؤية بزاوية مختلفة
خامسًا: أعِد ترتيب أولوياتك
بعد الصدمة الأولى، تبدأ مرحلة التكيّف. وهنا، من المهم وضع خطة:
- جدولة جلسات التدخل المبكر
- تنظيم روتين يومي واضح للطفل
- تثقيف بقية أفراد الأسرة (الأشقاء، الجد والجدة…)
- الحفاظ على العلاقة الزوجية من التوتر
لا تنسَ الاعتناء بنفسك أيضًا. لأن رعاية نفسك تساعدك على رعاية طفلك بشكل أفضل.
سادسًا: ركّز على الإنجازات الصغيرة
في رحلة التوحد، الإنجازات قد تكون مختلفة عن المعتاد — لكنها لا تقل أهمية. قد يكون نطق كلمة، أو تواصل بصري، أو حتى تقبّل تغيير في الروتين.
احتفل بهذه الإنجازات، واشكر نفسك عليها. هذه خطوات حقيقية نحو التقدم.
خاتمة
تشخيص التوحد قد يبدو في البداية وكأنه عاصفة، لكنه أيضًا نقطة بداية لفهم أعمق، وقبول أوسع، وحب غير مشروط. أنت لست وحدك، وطفلك ليس “أقل” — بل فقط مختلف.
خذ نفسًا عميقًا، وابدأ الرحلة بثقة… فكل يوم جديد يحمل فرصة جديدة للنمو والاحتواء.
لا يوجد تعليقات