على مدار العقود الأخيرة، أثير جدل واسع في بعض المجتمعات حول صلة محتملة بين اللقاحات والتوحد. هذا الجدل أثار قلقًا كبيرًا لدى كثير من الأهل، خاصة عندما يتم تشخيص طفلهم بالتوحد بعد فترة من تلقيه اللقاحات الروتينية. فهل هناك علاقة حقيقية؟ وما أصل هذه الادعاءات؟ وماذا تقول الأبحاث العلمية المعتمدة؟ هذا ما سنناقشه بشفافية في هذا المقال.
🧩 من أين بدأت هذه الشائعة؟
تعود جذور الادعاء إلى عام 1998، حين نشر طبيب بريطاني يُدعى أندرو ويكفيلد دراسة صغيرة في مجلة طبية ادعى فيها وجود علاقة بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) وظهور أعراض التوحد.
ولكن سرعان ما تم الكشف عن أن الدراسة كانت:
- محدودة للغاية (فقط 12 طفلًا)
- غير موثوقة علميًا
- تحتوي على تضارب مصالح مالي
- غير قابلة للتكرار في أبحاث لاحقة
تم سحب الدراسة لاحقًا من المجلة، وتم سحب ترخيص الطبيب ومنعه من ممارسة الطب في المملكة المتحدة.
🔬 ماذا تقول الدراسات العلمية الموثوقة؟
منذ ذلك الحين، أُجريت عشرات الدراسات واسعة النطاق في دول مختلفة للتحقق من هذه المزاعم، وكلها توصلت إلى نفس النتيجة:
لا توجد أي علاقة سببية بين اللقاحات والتوحد.
من أبرز هذه الدراسات:
- دراسة دنماركية عام 2002 على أكثر من 537,000 طفل
- دراسة أمريكية عام 2019 على 650,000 طفل
- مراجعات شاملة من منظمات كبرى مثل:
- منظمة الصحة العالمية (WHO)
- مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)
- الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)
كل هذه الجهات أكدت:
🔵 اللقاحات لا تسبب التوحد
🟢 اللقاحات آمنة وضرورية
❓ لماذا يحدث التوحد إذًا بعد اللقاحات أحيانًا؟
قد يُلاحظ بعض الأهل تغيرات على أطفالهم بعد فترة قصيرة من اللقاح، وهذا تزامن زمني فقط وليس علاقة سببية.
- التوحد غالبًا ما تبدأ أعراضه بالظهور بين 12-24 شهرًا، وهي نفس الفترة التي يتلقى فيها الطفل عدة لقاحات.
- الربط بين الحدثين يكون عاطفيًا أكثر منه علميًا، وهذا مفهوم من جانب الأهل.
🔍 العلم يقول: اللقاح لا يسبب التوحد، لكن توقيت تشخيص التوحد يتقاطع زمنيًا مع جدول التطعيمات.
🛡️ لماذا يجب أن نواصل تلقي اللقاحات؟
اللقاحات تحمي الأطفال من أمراض خطيرة ومميتة مثل:
- الحصبة
- السعال الديكي
- شلل الأطفال
- التهاب السحايا
تراجع نسب التطعيم يؤدي إلى عودة انتشار هذه الأمراض، وقد شهدنا ذلك في بعض الدول التي تأثرت بالشائعات.
💬 من دون اللقاحات، نعرّض أطفالنا لمخاطر أكبر بكثير.
⚠️ ماذا لو لم ألقح طفلي خوفًا من التوحد؟
عدم تلقي اللقاح:
- يعرض الطفل للإصابة بأمراض خطيرة
- يهدد صحة الأطفال الآخرين (خصوصًا من يعانون أمراضًا مزمنة أو ضعف مناعي)
- لا يقلل احتمالية التوحد، لأن التوحد لا ينتج عن اللقاح أصلاً
🧠 من أين يأتي التوحد إذًا؟
حتى اليوم، لا يوجد سبب واحد للتوحد، لكنه غالبًا مرتبط بـ:
- عوامل وراثية
- تطور الدماغ العصبي قبل الولادة أو أثناءها
- عوامل بيئية غير مؤكدة (لكن اللقاح ليس من ضمنها)
✅ خلاصة
القول بأن “اللقاحات تسبب التوحد” هو خرافة طبية خطيرة تم تفنيدها علميًا مرارًا وتكرارًا.
كل الدراسات الواسعة والمحايدة تؤكد أن:
- اللقاحات آمنة
- اللقاحات لا تسبب التوحد
- التوحد ليس له علاقة بجدول التطعيمات
من المهم أن نتخذ قراراتنا بناءً على العلم وليس الخوف أو الشائعات.



















لا يوجد تعليقات