حين يُشخّص الطفل بالتوحد، يدخل الأبوان في دوامة جديدة مليئة بالأسئلة، الجلسات، البرامج العلاجية، والمشاعر المتضاربة.
يصبح كل يوم تحديًا، وكل قرار مسؤولية ثقيلة. ومع مرور الوقت، قد يشعران بالإرهاق، وكأن الحياة أصبحت “حالة طوارئ دائمة”.
لكن الحقيقة التي يجب أن نتذكّرها دائمًا:
رعاية الطفل تبدأ من رعاية الوالدين لأنفسهم أولًا.
فالضغط النفسي ليس أمرًا هامشيًا، بل عامل يؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة، وعلى قدرة الوالدين في دعم طفلهما بشكل فعّال.
أولًا: تقبّلا المشاعر ولا تهربا منها
الصدمة، الحزن، الخوف، وربما الغضب… كلها مشاعر طبيعية بعد تلقي التشخيص.
محاولة إنكارها أو دفنها يزيد الضغط بدلًا من تخفيفه.
- تحدثا بصراحة عن ما تشعران به
- لا تخجلا من البكاء أو التعبير عن القلق
- شاركا بعضكما الحمل العاطفي، فذلك يخفف من ثقله
💬 تذكّرا: أنتما شريكان، لا يحتاج أحدكما للتمثيل أمام الآخر.
ثانيًا: لا تقارنا أنفسكما بالآخرين
قد ترين أمهات ينشرن قصص نجاح أطفالهن على وسائل التواصل، أو آباء يتفاخرون بما وصل إليه طفلهم.
المقارنة هنا ليست فقط غير عادلة… بل مؤذية.
- كل طفل توحدي مختلف
- كل أسرة لها ظروفها
- والنجاح الحقيقي هو أن تستمرّا، يومًا بيوم، بمحبة وثبات
🌱 تقدّما بثباتكما، لا بسرعة غيركما.
ثالثًا: احصلا على دعم خارجي
لا تحملا كل الأعباء وحدكما. هناك جهات، وأشخاص، ومؤسسات يمكن أن تخفف عنكما الكثير.
- ابحثا عن مجموعات دعم للوالدين
- استشيرا أخصائيًا نفسيًا عند الحاجة
- تواصلا مع عائلات لديها تجربة مشابهة
التحدث مع من مرّ بتجربة مشابهة لا يقدّم فقط معلومات… بل يمنح راحة نفسية عميقة.
رابعًا: قسّما المسؤوليات بوضوح
أحد أكثر أسباب الضغط النفسي هو شعور أحد الطرفين بأنه “يعمل وحده”.
قسّما المهام بوضوح واتفاق:
- من يتابع الجلسات؟
- من يتواصل مع المدرسة أو الأخصائي؟
- من يتحمل فترات الراحة للطرف الآخر؟
💡 قاعدة ذهبية: لا يجب أن يحترق أحدكما ليضيء الطريق وحده.
خامسًا: خصّصا وقتًا لأنفسكما
حتى في أكثر الأيام انشغالًا، لا تنسيا أنفسكما كأفراد.
- خصصا وقتًا للراحة كل أسبوع
- اخرجا معًا أو على انفراد إن أمكن
- مارسا نشاطًا تحبانه بعيدًا عن المسؤوليات
ليس أنانية، بل ضرورة. فالأبوان المستهلكان نفسيًا لن يقدرا على الاستمرار طويلاً.
سادسًا: اهتما بصحتكما الجسدية
الضغط النفسي ينعكس على الجسم. وقد يتحول إلى إرهاق دائم، أو حتى أعراض عضوية.
- حاولا النوم جيدًا (قدر المستطاع)
- تناولا طعامًا متوازنًا
- مارسا رياضة خفيفة بانتظام
- لا تؤجّلا الفحوصات الطبية الخاصة بكما
💪 تذكرّا أنكما تحتاجان للقوة… لا فقط من أجل طفلكما، بل لأنفسكما أولًا.
سابعًا: أعيدا ترتيب الأولويات
بعد التشخيص، تتغير الحياة. وهذا طبيعي.
لكن من المهم أن تعيدا ترتيب أولوياتكما:
- ليس كل شيء مهم في الوقت نفسه
- ليس من الضروري إرضاء الجميع
- ليس عليكم الإجابة على كل سؤال اجتماعي محرج
- وقت الأسرة وسلامكما الداخلي أهم من المثالية الخارجية
خاتمة
طفلكما يحتاجكما، نعم… لكنه يحتاجكما سالمَين، لا مُنهكَين.
التعب لا يُلغى، لكن يمكن التخفيف منه.
والضغط لا يختفي، لكن يمكن احتواؤه عندما تعطيان أنفسكما الحق في الاستراحة، الحديث، وحتى في الضعف.
أن تكونا والدين لطفل متوحد ليس أمرًا سهلًا، لكنه أيضًا ليس مستحيلًا.
بالمشاركة، والرحمة، والدعم… يمكنكما السير بثبات في هذا الطريق، خطوة بخطوة.
لا يوجد تعليقات