تشخيص التوحد، أو تشخيص اضطراب طيف التوحد ليس خطوة عابرة، بل هو عملية دقيقة تتطلب أدوات تقييم علمية تساعد على فهم حالة الطفل بشكل شامل. هذه الأدوات ليست مجرد استمارات أو ملاحظات عابرة، بل أدوات قياسية أثبتت فعاليتها في الأبحاث العلمية، وتُستخدم عالميًا لتحديد مستوى الاضطراب، مما يمهّد الطريق لتدخلات علاجية وتعليمية مناسبة.
حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن طفلًا واحدًا من بين كل 100 طفل يُشخّص بالتوحد، مما يبرز أهمية فهم هذه الأدوات من قبل الأهل والمعلمين والمتخصصين.
في هذا المقال، سنستعرض أبرز أدوات التقييم المعتمدة لتشخيص التوحد، مع شرح مبسّط لكل أداة، مدعوم بأمثلة عملية ونصائح تطبيقية.
أهمية أدوات التقييم في التشخيص
الأدوات التقييمية تُمكّن الأطباء والمعالجين من قياس الجوانب المتعددة لسلوك الطفل، مثل التواصل، المهارات الاجتماعية، والقدرة الحسية.
دراسة من National Institute of Mental Health أكدت أن 85% من التشخيصات الدقيقة تعتمد على أدوات تقييم موثوقة.
🔎 مثال: أم لاحظت أن طفلها لا يستجيب عند مناداته باسمه، فاقترح الطبيب إجراء تقييم باستخدام أداة M-CHAT، مما ساعد في كشف إشارات مبكرة للتوحد.
✅ نصيحة: اسأل الطبيب دائمًا عن نوع الأداة المستخدمة، وفائدتها في حالة طفلك.
اختبار M-CHAT (Modified Checklist for Autism in Toddlers)
يُعتبر M-CHAT أداة فرز أولية للأطفال بين 16 و30 شهرًا، ويتضمن 23 سؤالًا يجيب عليها الأهل.
- الهدف: الكشف المبكر عن السلوكيات المرتبطة بالتوحد.
- الدقة: تصل إلى 85% وفق دراسة من Autism Spectrum Journal.
📌 مثال: أب أجاب عن استبيان M-CHAT ولاحظ الطبيب أن ابنه لا يشير إلى الأشياء، فتمت إحالته لتقييم شامل.
اختبار ADOS-2 (Autism Diagnostic Observation Schedule)
يُعد ADOS-2 المعيار الذهبي في التشخيص، حيث يُجري الأخصائي جلسة تفاعلية مع الطفل (30-60 دقيقة) تشمل اللعب والمحادثة.
- الهدف: مراقبة السلوك والتفاعل في مواقف طبيعية.
- الدقة: تصل إلى 90% وفق Journal of Child Psychology.
📌 مثال: خلال جلسة ADOS-2، لم يتجاوب طفل مع دعوة للعب التعاوني، مما عزز التشخيص.
مقياس CARS (Childhood Autism Rating Scale)
يقيس شدة التوحد عبر 15 مجالًا مثل التواصل والسلوكيات التكرارية، ويُعطي درجة من 15 إلى 60.
- الهدف: تحديد مستوى التوحد (خفيف، متوسط، حاد).
- الدقة: حوالي 80%.
📌 مثال: طفل حصل على 35 درجة، مما أشار إلى توحد خفيف. هذا ساعد الأسرة على وضع خطة دعم مناسبة.
استبيان SCQ (Social Communication Questionnaire)
يتضمن 40 سؤالًا يجيب عنها الأهل لتقييم التواصل والسلوك الاجتماعي، ويُستخدم للأطفال أكبر من 4 سنوات.
- الهدف: جمع ملاحظات الأسرة حول سلوك الطفل.
- الدقة: حوالي 75%.
📌 مثال: أم لاحظت عزلة ابنها عن أقرانه أثناء اللعب، وسجلت ذلك في SCQ، مما دفع الأخصائي للتوسع في التقييم.
اختبار Vineland Adaptive Behavior Scales
يقيس المهارات التكيفية مثل:
- الاعتماد على النفس.
- التواصل.
- المهارات الاجتماعية.
- الهدف: فهم كيفية أداء الطفل في حياته اليومية.
- الدقة: تصل إلى 85%.
📌 مثال: أم وصفت أن طفلها يستطيع ارتداء ملابسه لكن لا يستطيع ربط الحذاء، ما ساعد في رسم صورة دقيقة عن مستوى استقلاليته.
مقياس PLS-5 (Preschool Language Scale)
يُستخدم لتقييم اللغة الاستقبالية والتعبيرية للأطفال حتى عمر 7 سنوات.
- الهدف: تحديد التأخر اللغوي وربطه باضطراب طيف التوحد.
- الدقة: تصل إلى 80%.
📌 مثال: طفل لم يفهم تعليمات بسيطة مثل “ضع الكرة في الصندوق”، مما أكد الحاجة لعلاج لغوي مبكر.
دور الفريق متعدد التخصصات
لا يقتصر التشخيص على أداة واحدة، بل يُدمج فريق مكوّن من طبيب أعصاب، أخصائي لغة، وأخصائي نفسي.
دراسة من Pediatric Research أكدت أن الجمع بين الأدوات المختلفة مع عمل الفريق يرفع دقة التشخيص إلى 90%.
📌 مثال: اجتماع أسرة مع فريق متعدد التخصصات كشف عن الحاجة إلى دمج علاج حسي مع علاج لغوي.
التقييم المستمر والتعديل
التوحد ليس حالة ثابتة، بل قد تتغير مهارات الطفل مع الوقت. لذلك، يُوصى بإعادة التقييم كل 6-12 شهرًا.
📌 مثال: طفل تحسنت قدراته اللغوية بعد سنة من التدخل، فتم تعديل الخطة التعليمية لتتناسب مع مستواه الجديد.
❓ الأسئلة الشائعة (FAQ)
ما الفرق بين M-CHAT وADOS-2؟
- M-CHAT أداة فرز أولية يعتمد على استبيان للأهل.
- ADOS-2 اختبار تشخيصي متقدم يُجرى من قبل مختصين.
هل يمكن الاعتماد على أداة واحدة فقط للتشخيص؟
لا، يجب دمج عدة أدوات مع تقييم سريري وملاحظات الأهل.
كم يستغرق التشخيص الكامل؟
قد يستغرق من أسابيع إلى أشهر، تبعًا لعدد الأدوات والفريق الطبي المتابع.
خاتمة
أدوات التقييم المعتمدة مثل M-CHAT وADOS-2 وCARS هي الأساس في تشخيص التوحد بدقة، فهي تساعد على فهم حالة الطفل من زوايا متعددة: لغوية، سلوكية، وحياتية. التشخيص المبكر يفتح باب التدخل العلاجي المناسب، مما يمنح الطفل فرصة أفضل للتطور والاندماج.
💡 سؤال محفّز لك أيها القارئ: هل جربت يومًا أحد هذه الاختبارات مع طفلك أو سمعت بها من قبل؟ شاركنا تجربتك أو أسئلتك في التعليقات.
لا يوجد تعليقات