حين يُشخَّص الطفل بالتوحد، يعيش الوالدان مرحلة صعبة من التقبّل والصدمة والمشاعر المتقلبة.
لكن سرعان ما يظهر سؤال إضافي:
“كيف نخبر العائلة؟”
الأجداد، الأخوال، العمّات، الإخوة… كلهم جزء من الدائرة الأقرب، وغالبًا ما يهتمون بالطفل. لكن التعامل مع هذا التشخيص يتطلب شرحًا هادئًا، وتوجيهًا لطيفًا، وربما إعادة تصحيح لبعض المفاهيم الخاطئة.
هذا المقال سيساعدك على إيصال الخبر بطريقة متوازنة، تراعي مشاعرك، وتبني دعمًا حقيقيًا من العائلة بدلًا من إثارة التوتر أو الشفقة.
أولًا: خذ وقتك في التهيئة النفسية
قبل إخبار الآخرين، تأكد أنك أنت وزوجك مستعدان نفسيًا للحديث.
لا تُجبرا نفسيكما على الشرح في أول أيام التشخيص.
من المهم أن تكونا هادئين، وقادرين على الحديث دون انفعال زائد أو حزن طاغٍ.
💬 نصيحة: اختارا الوقت الذي يناسبكما، وليس ما “يتوقّعه” الآخرون.
ثانيًا: حددا من تريدان إخباره أولًا
ليس بالضرورة أن تخبرا الجميع دفعة واحدة.
ابدآ بالأشخاص الأقرب عاطفيًا: مثل الوالدين أو الإخوة، الذين سيكونون أول من يتفاعل ويؤثر على محيطكم الأسري.
لاحقًا يمكن توسيع الدائرة بهدوء، حسب الحاجة أو طبيعة العلاقة.
ثالثًا: اشرحا التوحد بلغة مبسطة
لا تتوقّعا أن كل شخص يعرف ما هو التوحد.
غالبًا ما يحمل الناس مفاهيم خاطئة أو مغلوطة عنه.
لذا، من المهم أن توضّحا الآتي:
- أن التوحد ليس مرضًا معديًا
- أنه لا يعني “تخلّفًا” أو “إعاقة عقلية”
- أن الطفل يتعلّم بطريقة مختلفة، ويحتاج دعمًا خاصًا
- أن اكتشاف التوحد مبكرًا لا يعني النهاية، بل بداية خطة دعم ونمو
✨ استخدما كلمات هادئة وواضحة، وابتعدا عن المصطلحات الطبية المعقّدة.
رابعًا: استعدا لردود الفعل المختلفة
بعض أفراد العائلة سيتفهمون فورًا، وآخرون قد ينكرون، أو يُظهرون شفقة مفرطة، أو يلقون اللوم بطريقة غير مباشرة.
كونوا مستعدين لكل رد فعل، وتذكّروا:
- من ينكر: يحتاج وقتًا، لا مواجهة
- من يلوم: يعبّر عن خوف، لا هجوم
- من يبالغ في الشفقة: يمكن توجيهه بلطف لفهم الواقع دون دراما
🧠 مهم: لا تجعلوا ردود الآخرين تؤثر على ثقتكم بما تفعلونه لطفلكم.
خامسًا: شاركوا مصادر موثوقة معهم
أحيانًا يكون من المفيد إرسال مقاطع فيديو قصيرة، أو مقالات، أو حتى دعوة فرد من العائلة لحضور جلسة مع أخصائي نطق أو علاج سلوكي.
المعرفة تقلل الخوف، وتبني فهمًا أعمق.
كلما فهمت العائلة الحالة أكثر، أصبح دعمهم أكثر واقعية وإيجابية.
سادسًا: وضّحوا ما تتوقعونه من العائلة
من الضروري أن يعرف أفراد العائلة كيف يمكنهم المساعدة فعليًا.
أخبروهم مثلاً:
- ما الذي يُريح الطفل؟
- ما الذي يُربكه أو يزعجه؟
- هل يحتاجون إلى اتباع طريقة معينة في التواصل معه؟
- هل يمكنهم المساهمة في المتابعة أو المساندة النفسية؟
💬 لا تتركوا الأمور للتخمين. الشرح الواضح يُجنّب سوء الفهم.
سابعًا: لا تخجلوا من التوحد
في بعض الثقافات، لا يزال هناك خجل أو حرج من التحدث عن التوحد.
لكن كسر هذا الحاجز يبدأ منكم.
حين يرونكم تتحدثون بثقة وحب، سيتعلّمون أن التوحد ليس “وصمة”، بل حالة إنسانية تستحق الفهم والاحتواء.
خاتمة
إخبار العائلة بتشخيص التوحد ليس خطوة سهلة، لكنها خطوة ضرورية في رحلة بناء بيئة داعمة للطفل.
افعلوها بحب، وبهدوء، وبإيمان أن من يحبونكم… سيحبون طفلَكم كما هو، وربما أكثر بعد أن يعرفوه على حقيقته.
وإن لم يتفهّم البعض؟
فتذكروا أن دعم الطفل لا يحتاج جمهورًا… بل قلوبًا مؤمنة وقادرة على الاستمرار.
لا يوجد تعليقات