الكثير من الأطفال المصابين بطيف التوحد يعانون من صعوبات في معالجة المعلومات الحسية. قد يكون الصوت المرتفع مزعجًا بشدة، أو قد يتجنب الطفل لمس بعض الأقمشة، أو على العكس، يبحث بإلحاح عن أنواع معينة من التحفيز مثل الدوران أو القفز.
هنا تأتي أهمية التربية الحسية، التي تُمثل جسرًا فعّالًا لتحسين قدرات الطفل في التفاعل مع محيطه، التعلم، وحتى تطوير المهارات الاجتماعية. في هذا المقال، سنتناول معنى التربية الحسية، ولماذا هي ضرورية، وكيف يمكن دمجها في التعليم اليومي للطفل التوحدي.
❓ ما المقصود بالتربية الحسية؟
التربية الحسية (Sensory Integration Therapy) هي نهج يهدف إلى تنظيم استجابة الطفل للمثيرات الحسية من حوله (اللمس، الصوت، التوازن، الرائحة، الحركة، إلخ). من خلال تمارين وألعاب مخصصة، يتم تدريب الجهاز العصبي على:
- التعرّف على المحفزات الحسية بشكل طبيعي.
- الاستجابة لها بطريقة متزنة وغير مفاجئة.
- تعديل الانفعالات والسلوكيات الناتجة عنها.
🤲 أنواع الحواس التي تُعالج في التربية الحسية
- اللمس (Tactile): من خلال مواد مختلفة (رمل، طين، قماش).
- السمع (Auditory): باستخدام أصوات متدرجة أو تمارين تمييز صوتي.
- البصر (Visual): بالألوان، الأشكال، تتبع الضوء.
- الشم (Olfactory): التعرف على الروائح المألوفة.
- التذوق (Gustatory): تقبل أنواع مختلفة من الطعام.
- الإدراك الحركي العميق (Proprioception): عبر الضغط والحركة.
- التوازن (Vestibular): باستخدام الأرجوحة أو أنشطة الدوران والقفز.
🎯 لماذا يحتاج الطفل التوحدي إلى التربية الحسية؟
- لأنه قد يتجنب أو يسعى بإفراط إلى بعض المحفزات الحسية.
- لأن الاضطرابات الحسية تؤثر مباشرة على سلوكه وانتباهه.
- لأن فهم الجسم للعالم من حوله يبدأ من الإحساس ثم الفهم ثم السلوك.
🟢 تعديل الاستجابات الحسية يُساعد الطفل على التعلم بهدوء وثقة.
🧠 فوائد التربية الحسية في التعليم والتطور
✅ تحسين الانتباه والتركيز
طفل ينزعج من أصوات القلم أو ملابس المدرسة قد لا يستطيع التركيز، لكن بعد تدريبه حسيًا، يصبح أكثر هدوءًا في الصف.
✅ تقليل نوبات الغضب والانهيار
عندما يتعلّم الطفل كيف يتعامل مع الإزعاج الحسي، تقل استجاباته المفاجئة والغضب غير المتوقع.
✅ دعم المهارات الحركية الدقيقة
كالإمساك بالقلم، الرسم، أو تركيب القطع، وهي ضرورية للتعلم الأكاديمي.
✅ تطوير مهارات التواصل
الطفل الذي يشعر بالراحة الحسية يكون أكثر استعدادًا للتفاعل الاجتماعي والنظر للوجوه والرد على الكلام.
🏠 كيف تطبّق التربية الحسية في المنزل والمدرسة؟
🏡 في المنزل:
- إنشاء “ركن حسي” هادئ يحتوي على كرات لينة، أقمشة مختلفة، إضاءة ناعمة.
- استخدام العجين أو الرمل الحسي أو الأرجوحة المنزلية.
- تمارين اللف ببطانية أو المشي على أسطح مختلفة.
🏫 في المدرسة:
- توفير فواصل حسية خلال اليوم الدراسي (استراحة حركة، وقت هدوء).
- أدوات جلوس خاصة (كرسي قابل للحركة، وسادة توازن).
- التعاون مع أخصائي العلاج الوظيفي لوضع خطة فردية.
📌 تنبيه مهم
ليست كل الأنشطة الحسية مناسبة لكل طفل. لذا يجب:
✔️ مراقبة استجابات الطفل.
✔️ البدء بالتدريج.
✔️ استشارة مختص عند الضرورة.
📈 خلاصة
التربية الحسية ليست ترفًا، بل جزء أساسي من بناء جسور الفهم والراحة بين الطفل التوحدي والعالم من حوله. إنها وسيلة لتعليمه كيف يشعر بشكل متزن، ليتمكن من أن يتعلم، يلعب، ويتواصل بشكل أفضل.
كل دقيقة تُقضى في دعم النظام الحسي للطفل هي خطوة نحو مستقبل أكثر ثقة وهدوءًا له.
لا يوجد تعليقات